مقال مترجم من صحيفة الغرديان، تحرير بيثان ميكرنان
ترجمة: بلة لحبيب أبريكة
قالت عدة مصادر مطلعة على المحادثات الجارية {بشأن عملية التطبيع} إن المفاوضين الفلسطينيين يتعاملون مع اتفاق التطبيع المحتمل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية ببعض الريبة، على الرغم من الإشارات الإيجابية الظاهرة التي أبداها المسؤولين الفلسطينيين.
وتسير العلاقات غير الرسمية بين إسرائيل والدولة النفطية الخليجية القوية في نمو مطرد منذ سنوات. ومع ذلك، فقد برزت إمكانية التوصل إلى اتفاق دبلوماسي رسمي إلى الواجهة منذ أن أشارت الدولتان، إلى جانب الولايات المتحدة، إلى إحراز تقدم في هذا الشأن، خلال إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع الماضي.
ويشعر الفلسطينيون بالقلق من أن أي اتفاق من هذا القبيل لن يؤدي إلى تنازلات جادة تجاه السلام، أو إنهاء الاحتلال المستمر منذ 56 عاما، للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. ووصف المسؤولون السعوديون، مرارا، القضية الفلسطينية بأنها “مهمة للغاية”.
وقال مصدر دبلوماسي فلسطيني طلب عدم الكشف عن اسمه، لأنه غير مخول بالحديث لوسائل الإعلام: “لا أتوقع أن يحدث هذا في أي وقت قريب. إن حقيقة أن السعوديين يتحدثون عن الملف الفلسطيني على أنه أسهل في التعامل معه من الملف النووي، تظهر حجم العمل الذي يجب القيام به”.
وتسعى الرياض إلى إبرام اتفاق دفاعي رسمي مع الولايات المتحدة، ومساعدة واشنطن في تطوير برنامج نووي مدني، مقابل الاعتراف بإسرائيل. بالنسبة لإسرائيل، من شأن التطبيع مع المملكة السعودية ــ قاعدة الإسلام السني وبلاد الحرمين الشريفين ــ أن يمهد، من الناحية النظرية، الطريق لقبول الدولة اليهودية في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
وقال محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي، في مقابلة نادرة على هامش الجمعية العامة: “نقترب كل يوم” من التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل. وأعقب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ذلك بقوله أمام الأمم المتحدة “إننا على أعتاب” “سلام تاريخي”.
منذ عام 2020، وافقت الإمارات والبحرين والمغرب والسودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في اتفاقيات توسطت فيها إدارة دونالد ترامب، ويرجع ذلك جزئيًا إلى المخاوف المشتركة بشأن إيران.
حتى الآن، التزمت المملكة العربية السعودية بمبادرة السلام العربية، وهي اقتراح تقدمت به الجامعة العربية منذ عقدين من الزمن، وتعهدت فيه بعدم الاعتراف الدبلوماسي بإسرائيل دون تسوية عادلة للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويقول مسؤولون فلسطينيون إن اتفاقات أبراهام، كما تُعرف، تقوض بشدة احتمالات السلام وحل الدولتين.وعلى خلاف الجولات الأولى من محادثات اتفاقات أبراهام، التي لم تنخرط فيها فلسطين، قالت السلطة الفلسطينية إنها، هذه المرة، مستعدة للعب دور نشط في المفاوضات. وأشار أحد المصادر المطلعة على العملية إلى أن الفلسطينيين قد لا يكون لديهم خيار في هذا الشأن.“
وقال المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لكي يمكنه أن يتحدث بحرية، “قطع السعوديون الكثير من التمويل عن الفلسطينيين في عام 2021، وهم الآن يستخدمون هذه الأموال كأداة للمساومة. إنهم يقولون: إذا كنتم تريد منا اعادة التمويل، فسيتعين عليكم مسايرتنا، و لا يصدر منكم أي شيء يتعارض مع {سياستنا} أو مع عملية التطبيع”.
وعلى الرغم من التصريحات المتحمسة للمسؤولين الإسرائيليين التي ترى إمكانية إقامة العلاقات بحلول الربع الأول من عام 2024، ورغبة جو بايدن في تحقيق إنجاز كبير في السياسة الخارجية قبل الانتخابات الأمريكية في العام المقبل، لا يبدو أن الرياض في عجلة من أمرها لإبرام أي اتفاق. ومن الممكن أن ترغب المملكة في الانتظار حتى العودة المحتملة لترامب إلى منصبه – الذي دعم الأمير محمد في أعقاب مقتل الصحفي جمال خاشقجي.
ولا تزال العديد من العقبات الرئيسية الأخرى ماثلة؛ فقد تعد أي تنازلات للفلسطينيين غير مستساغة، على الإطلاق، بالنسبة لشركاء نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف، الذين تعهدوا بضم الضفة الغربية بأكملها.
ومن المرجح أن تكون التحركات لتعميق العلاقات الأمريكية مع المملكة العربية السعودية وسجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان، أمرًا صعبًا بالنسبة لبايدن لإقناع الكونجرس ومجلس الشيوخ الأمريكي بذلك.
ووفقا لمصدرين مطلعين على الرحلة التي قام بها مدير وكالة المخابرات المركزية، ويليام بارنز، قال في اجتماعات في العاصمة الأردنية عمان، الشهر الماضي، إن تقدير الوكالة هو أن التطبيع بين إسرائيل والمملكة سيستغرق بضع سنوات، على الأقل.ومع ذلك، هناك خطوات تدريجية جارية.
وفي أغسطس، عينت السعودية أول سفير غير مقيم لها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، نايف السديري، ومنذ ذلك الحين، تبادل الجانبان الوفود بعد توقف دام 10 سنوات. وشهدت العلاقات بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس وصناع القرار في الرياض فتوراً بسبب الدعم القطري للفصائل الفلسطينية.
وخلال زيارة استمرت يومين إلى رام الله، المركز الإداري الفلسطيني، يوم الثلاثاء، أكد السديري أن المملكة “تعمل على إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”، دون الخوض في التفاصيل.
وأصبح وزير السياحة الإسرائيلي، حاييم كاتس، أول مسؤول إسرائيلي كبير يقوم بزيارة علنية إلى المملكة العربية السعودية، يوم الأربعاء، لحضور مؤتمر استضافته منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة. وقبل مغادرته، قال كاتس للصحافيين إن السياحة هي بمثابة “جسر”.