من المرتقب أن يعقد مجلس الأمن، نهاية هذا الشهر، ثلاث جلسات بخصوص قضية الصحراء الغربية، قد تعيد تمديد ولاية البعثة الأممية لتنظيم الإستفتاء في الصحراء الغربية، المعروفة بإسم المينورسو.
وشهدت قضية الصحراء الغربية، في الاونة الأخيرة، تطورات سياسية مهمة عقب زيارة وفد أمريكي رفيع يترأسه مساعد نائب وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى، جوشوا هاريس، إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين ولقاء قيادة جبهة البوليساريو.
وتزامن ذلك مع زيارة المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستفان ديمستورا، إلى المدن المحتلة من الصحراء الغربية ولقاء النشطاء الصحراويين.
وكان المغرب قد عطل تلك الزيارة في يوليو 2021، معتبراً الصحراء الغربية جزء من أرضه، عقب إعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الصحراء الغربية، في عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب.
ويعتبر المغرب أن الزخم السياسي المصاحب لإعتراف الرئيس ترامب، ينبغي أن يصب في تكريس ما يعتبره “مغربية” الصحراء الغربية، ودعم مخطط الحكم الذاتي، وليس الإنخراط في مسار أممي يصفه بالمتجاوز.
و شكلت زيارة جوشوا هاريس وستيفان ديمستورا، التي تبدو للبعض أنها مرتبة مسبقاً، استياء الرباط بسبب ما تراه تراجع في موقف إدارة الديمقراطيين مقارنة بالأدارة السابقة .و ظلت الرباط تررد أمام الرأي العام أن الولايات المتحدة الأمريكية تعترف لها بالسيادة على الصحراء الغربية.
ويمثل لقاء وفد أمريكي رفيع بقيادة البوليساريو في مخيمات اللاجئين، تأكيداً على أن الإدارة الأمريكية الحالية لا تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، وأنها تتعامل مع البوليساريو كحركة تحرير وطنية معترف بها، والطرف المعني بالنزاع.
وفسرت بعض الأوساط عدم إيفاد الرباط مسؤول رفيع لحضور اجتماعات اللجنة الرابعة، أثناء دورتها 78، والاكتفاء بتمثيل ممثلها في الأمم المتحدة، عمر هلال، شكلاً من أشكال التعبير عن الإستياء من واشنطن والأمم المتحدة معاً.
ويرى بعض المراقبين أن هناك تقارب أمريكي أكبر مع الجزائر، نظراً لأهميتها في الساحل والصحراء، وكذلك في تأمين الطاقة لحلفاءئها في أوروبا.
في المقابل، لا يبدو المغرب، وسط المتغيرات الدولية الراهنة، يكتسي ذات الأهمية. كما أن أوضاعه الإقتصادية، بسبب مخلفات جائحة كورونا، والحرب في الصحراء الغربية، والحرب في أوكرانيا التي أثرت على إمدادات الطاقة والحبوب، جعلته منشغلاً بالضرورات الداخلية.
وفي ظل الخلافات مع فرنسا، وما يشبه فتور في العلاقات مع الولايات المتحدة، الحلفيين التقلديين للمغرب في مجلس الأمن، تتوجس الرباط من أن ينعكس ذلك على قرارا مجلس الأمن المنتظرهذا الشهر، بخصوص قضية الصحراء الغربية.
ويتوقع بعض المراقبين أن الحراك الدبلوماسي الامريكي الأخير، قد يصب في إعادة إحياء المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليساريو المتوقفة منذ 2018. وقد تكون إلغاء صيغة الطاولة المستديرة من قرارات مجلس الأمن، التي ترفضها جبهة البوليساريو والجزائر، بادرة لتسهيل العملية.
ويعتبر المغرب أن أي دعوة للمفاوضات خارج صيغة الطاولة المستديرة مرفوض، خاصةً أنه رفع السقف عالياً، عندما أكد أن التفاوض يتم وفق مقاربة الحكم الذاتي، وصيغة الطاولة المستديرة جنباً إلى جنب مع جبهة البوليساريو والجزائر وموريتانيا.
وثمة تكهنات أن الولايات المتحدة الامريكية قد تمضي في ممارسة المزيد من الضغط على المغرب، بهدف الإنحراط في مفاوضات مع جبهة البوليساريو، بغية تفادي أي تصعيد في المنطقة.
إعلان المغرب عقد قمة النقب، نهاية شهر أكتوبر، التي قد تتزامن مع جلسات مجلس الأمن، تراه الرباط فرصة مهمة للتأكيد على أهمية بلادها بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل.
وكان بلينكن قد أعلن في مطلع هذا الشهر أنه سيجري جولة تشمل السعودية وإسرائيل لبحث سبل التقارب بينها في إطار اتفاقات أبراهام. وأضاف لاحقاً المغرب والإمارات كجزء من جولته في المنطقة.
وفي ظل العملية العسكرية التي نفذتها حركة المقاومة الفلسطينية ضد إسرائيل، و ما ترتب عن ذلك من تدافع في المنطقة، الذي قد يجر الولايات المتحدة للإنخراط فيه، من الراجح جداً أن تؤجل قمة النقب و زيارة بلينكن.
قد تحتاج الولايات المتحدة إلى إقناع الدول العربية بضرورة عدم اتساع رقعة الحرب بين إسرائيل وفلسطين، وتفهم موقف إسرائيل في الرد على حركة حماس.
وعلى الرغم من مخاوف الرباط مما قد يتمخض عن جلسات مجلس الأمن بخصوص قضية الصحراء الغربية، من الراجح جداً، في ظل أجواء التوتر المتصاعد بين الفسلطينيين والإسرائليين، أن تُبقي الولايات المتحدة الأمورعلى حالها.